الحمد
لله ذي القوة المتين، خلق الإنسان علمه
البيان، وأقدره على التبيين، والصلاة والسلام على محمد صفوة النبيين، وإمام
المرسلين، وعلى آله وصحبه الغُرِّ
الميامين، وعلى من اقتفى سبيلهم، واهتدى
بهديهم إلى يوم الدين.
إن
التجربة النقدية العربية ضاربة بجذورها في عمق التاريخ، و مزال العلماء منذ ظهور
الإسلام إلى الآن يهتمون بالشعر القديم، وينقدونه، ويحفظونه،
ويشرحونه، ويقلدونه. وقد شهد النقد العربي القديم عدة إسهامات لنقاد تركوا بصماتهم
فيه من خلال مؤلفاتهم، فمنهم من أفرد مؤلفا خاصا في النقد، ومنهم من خصص جزء من
مؤلفه لمعالجة بعض القضايا النقدية.
ولعل تجربة
النقاد القدامى أبرزت مدى موسوعية نقدهم، فامتزج النقد بالبلاغة وعلوم اللغة وغير
ذلك. ويعتبر كتاب فحولة الشعراء للأصمعي
من أبرز هذه التجارب النقدية.
يعد كتاب
فحولة الشعراء للأصمعي أول مؤلف نقدي وصل إلينا في تاريخ النقد العربي، وهو مجموعة
من الأسئلة يوجهها أبو حاتم السجستاني(248 هـ) لأستاذه الأصمعي حول الشعراء
الجاهليين والإسلاميين، ويجيب الأصمعي عن هذه التساؤلات بأجوبة مقتضبة ومختصرة دون
تحديد سبب تلك الإجابات إلا قليلا. فالكتاب يشتمل على آراء الأصمعي الناقد اللغوي
والراوية حول فحولة طائفة من الشعراء الجاهليين و الإسلاميين، وهو عبارة عن أحكام
نقدية من منطلق الفحولة، هذا المصطلح الذي يعتبر من أكتر المصطلحات رواجا عند
النقاد الأوائل، إذ لا نكاد نمر بمصدر نقدي، أو كتاب له تعلق بالشعر من قريب أو
بعيد إلا وجدنا لذاك المصطلح ذكرا فيه
وفي قراءتنا لهذا الكتاب، حاولنا الوقوف
على حقيقة هذا المصطلح، والمعايير المطلوبة
لبلوغه.
تعريف بصاحب الكتاب
ولد الأصمعي وهو عبد الملك بن قريب بن عبد الملك ...بن أصمع، بالبصرة سنة
ثلاث وعشرين ومائة من الهجرة(123هـ)[1]،
ودرج بين مساجدها وجوامعها ومراكز العلم فيها، فأخذ عن الأعراب الوافدين إلى سوق
المربد، ورحل إلى البادية مرات لينقل اللغة عن مصادرها المعترف بها، ودخل المدينة
المنورة ليأخذ من علمائها أيضا. توفرت له علوم جليلة القدر في اللغة، وما يدور في
فلكها من أمثال وشعر، وفي الأدب والأخبار والأنساب، كما كان ضليعا في تفسير القرآن
الكريم، والحديث، وإن لم يدخل في معمعاتها تحرجا وتورعا إلا في ما نذر وقل من
المواضع. وقد غلب عليه الدرس اللغوي حتى عرف به[2].
شيوخه:
يمكن أن نذكر من العلماء الذين درس على أيديهم،
أو حضر مجالسهم حضور تعلم واستيعاب كلا من الأخفش الأكبر، الخليل بن أحمد، جعفر بن
محمد الصادق، عيسى بن عمر،خلف الأحمر، حماد عجرد، شعبة بن الحجاج، حماد بن سلمة،
حماد بن دريد، أبي عمرو بن العلاء، عبد الله بن عون، نافع بن أبي نعيم، كما سمى
بعض الأعراب الذين روى عنهم كأبي البيداء الرياحي.[3]
كتبه و مؤلفاته:
كثرت كثب الأصمعي، وتنوعت مؤلفاته اللغوية،
أورد منها السيوطي أربعا وثلاثين مؤلفا، وتعددت قوائم مؤلفاته في كتب من تكلموا عن
الأصمعي، حتى عد له بعض السادة الباحثين ستين مؤلفا، ومن تلك الكتب التي نسبت
إليه: الإبل، والأضداد، وخلق الإنسان، والدارات، والشاء، وفحولة الشعراء، والفرق،
وما اختلفت ألفاظه واتفقت معانيه، والنبات والشجر، والنخل والكرم، و الوحوش،
والخيل، والكرم، وجزيرة العرب، وتاريخ العرب قبل الإسلام، و الأصمعيات[4].
قراءة في عنوان كتاب:" فحولة الشعراء"
حتى نبحث عن مفهوم الفحولة عند الأصمعي، لابد
لنا أولا من التوقف عند عنوان الكتاب، وإعطاء المصطلحات المستعملة فيه حقها من
الشرح
الفحولة بين اللغة والاصطلاح
الدلالة اللغوية:
الفحولة جمع فحل، فالتاء فيه زائدة، كما زيدت في السهولة (جمع سهل) والحمولة (جمع حمل)،
ونحوهما ؛ قال سيبويه: ألحقوا الهاء فيهما
لتأنيث الجمع([5]).
ويقول ابن
فارس في مادة (فحل): "الفاء والحاء واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على
ذَكارةٍ وقُوَّة. من ذلك الفَحْلُ من كلِّ شيء وهو الذَّكَرُ الباسل، يقال أفحلته
فحلا إذا أعطيته فحلا يضرب في إبله، وفحلت إبلي إذا أرسلت فيها فحلها "([6]).
أما في القاموس المحيط نجد أن
"الفحل: الذكر من كل حيوان، جمع فحول وأفحل وفحال وفحالة وفحولة، ورجل فحيل:
فحل"[7]
ما نفهمه من خلال هذه التعريفات أن معاني
الفحولة مرتبطة بالذكورة والشجاعة والقوة والتميز وليست لها علاقة بالشعر، بل
واستخدمت هذه الكلمة لوصف الحيوانات الذكور
أما مصطلح الشعراء لغة
"فالشاعر: قائل الشعر (ج) شعراء"[8]
"والشاعر من شعر يشعر
شعرا...وإنما سمي شاعرا لأنه يشعر من معاني القول، وإصابة الوصف بما لا يشعر به
غيره، وإذا كان إنما يستحق اسم الشاعر بما ذكرنا، فكل من كان خارجا عن هذا الوصف
فليس بشاعر وإن أتى بكلام موزون مقفى"[9]
فالشاعر هو ذلك الشخص الذي
يمكنه نظم أبيات أو قصائد شعرية وفق لغة معينة.
اصطلاحا:
"ففحول الشعراء هم اللذين غلبوا بالهجاء من هاجاهم مثل
جرير والفرزدق وأشباههما، وكذلك كل من عارض شاعرا فغلب عليه مثل علقمة بن
عبدة"[10] من خلال هذا التعريف الوجيز يتضح لنا أن
الفحولة لا تخرج عن معنيين، الأول هو: تفوق الشاعر على خصمه في الهجاء مثل جرير
والفرزدق، والثاني: تفوق الشاعر على خصمه في ميدان المعارضة.
و" الفحولة صفة عزيزة تعني التفرد الذي
يتطلب: غلبة صفة الشعر على كل صفات أخرى في المرء، فرجل مثل حاتم قد يقول قصائد
ولكنه يعد في الأجواد ولا يسمى فحلا لأن الشعر لا يغلب عليه، وكذلك أشباه زيد
الخيل وعنترة، فإنهم فرسان يقولون شعرا وحسب. وأن غلبة صفة الشعر تستدعي عددا
معينا من القصائد التي تكفل لصاحبها التفرد، فالقصيدة الواحدة كما هي مرثية كعب بن
سعد الغوي لا تجعل من صاحبها فحلا.
ويتفاوت هذا العدد، على قاعدة لا ندريها، فهو خمس قصائد أو ست أو عشرون"[11].
فالفحولة إذا تعني قدرة الشاعر
العالية في قول الشعر، وتفرده وتميزه عن غيره من الشعراء، فالشاعر الفحل هو الشعر
المجيد المبتكر.
القضايا النقدية البارزة في الكتاب:
الفحولة عند الأصمعي
رغم أسبقية الأصمعي في تناول موضوع
الفحولة والذي ابتكره لتحديد الشعراء الفحول من غير الفحول إلا أننا لا نجد في
كتابه فحولة الشعراء تعريفا واضحا لفحولة الشعراء، فقد سأل أبو حاتم السجستاني
أستاذه الأصمعي عن معنى الفحل فقال " من كان له مزية على غيره كمزية الفحل
على الحقاق"[12]
ومزية الفحل على الحقاق تعني
أنه أكثر اندفاعا و قوة وصلابة، وهذا ما يميز شعر الشاعر الفحل عن غيره من الشعراء،
فيكون قويا في ألفاظه وصلبا في عباراته، فهو ذو خصوبة فكرية، يتعاطى الألفاظ
الجزلة القوية، ويتمتع بقدرة رهيبة على توليد المعاني المبتكرة.
معايير الفحولة عند الأصمعي
وضع الأصمعي عدة معايير ومقاييس فنية من أجل الحكم على جودة أو رداءة شعر
شاعر، ولوضع الشعراء في المراتب التي يستحقونها، وتتجلى هذه المعايير في:
معيار الكثرة
يرى
الأصمعي أن فحولة الشاعر تكمن في كثرة إنتاجه وغزارته، فقد جعل عدد القصائد التي
ينظمها الشاعر معيار لفحولته، فقال عن الحويدرة "لو قال مثل قصيدته خمس قصائد
كان فحلا"[13]،
وقال عن ثعلبة بن صعير المازني: " لو قال ثعلبة بن صعير المازني مثل قصيدته
خمسا كان فحلا"[14]،
و قال عن معقر البارقي "لو أتم خمسا أو ستا لكان فحلا"[15]،
وقال عن أوس بن غلفاء الهٌجيمي "لو قال عشرين قصيدة لحق بالفحول ولكنه قطع به
"[16]،
ثم قال عن سلامة بن جندل: " لو كان زاد شيئا كان فحلا "[17]
إذا نظرنا إلى نصاب القصائد الذي يعتمده
الأصمعي في تحديد فحولة كل شاعر، نجده متوقفا عند الخمس قصائد كأدنى تقدير، وأما
الحد الأعلى فهو غير محدد، فعند الحويدرة وثعلبة بن صعير المازني النصاب هو خمس
قصائد، أما معقر البارقي فخمس أو ست قصائد، وأوس بن غلفان الهٌجيمي فنصابه عشرون
قصيدة، اما سلامة بن جندل لو كان زاد شيئا كان فحلا، فلا قصائد تحدد نصابه.
من هنا فمعيار الكم الشعري، هو
معيار صالح يعكس تفوق شاعر على آخر في كثير من الأحيان، إلا أن هذا المعيار لا
يمكن الأخذ به عل إطلاقه دائما، لأنه لابد وأن يكون مرتبطا بمعيار آخر وهو المعيار
الفني، أو جودة الأشعار.
المعيار الفني/ جودة الشعر
اعتمد الأصمعي في عدة مواضع على المعيار
الفني للحكم على فحولة الشاعر، فالشاعر المجيد و الفنان له أفضال عديدة على باقي
الشعراء لأنه بمثابة المحور الأساس والمرجح الذي ينهل منه الشعراء، وهو الذي يفتح
الطريق لباقي الشعراء في الكثير من الموضوعات، وقد أولى الأصمعي مثل هذه المكانة
لامرئ القيس وذلك حين قال: " ما أرى في الدنيا مثل قول امرئ القيس :
وقاهم جدهم ببني أبيهم وبالأشقين ما كان العقاب
كما قال عنه: " أولهم كلهم
في الجودة امرؤ القيس له الحظوة والسبق وكلهم أخذوا من قوله واتبعوا مذهبه "[18]
فلم يخف الأصمعي إعجابه الشديد
بامرئ القيس، وفضله على من سواه من الشعراء، لما يحويه شعره من جودة.
وقال الأصمعي طفيل الغنوي:
" وطفيل عندي في بعض شعره أشعر من امرئ القيس " وأضاف أيضا " ولكن
طفيل غاية في النعت وهو فحل"[19]
وقال عن بشر بن أبي خازم: " وسمعت أبا عمرو
بن العلاء يقول قصيدته التي على الراء ألحقته بالفحول
ألا بان الخليط ولم يدانى وقلبك في الضغائن مستعار[20]
وبالتالي معيار جودة الشعر، من أحكم المعايير
التي تحدد مقدرة الشاعر الفنية، وتبين مكانته بين الشعراء، ومدى فحولته.
معيار الزمن
يميل الأصمعي إلى الشعر القديم
كثيرا وخصوصا الجاهلي منه، ويتضح هذا من خلال آراءه، فقد سأله أبو حاتم عن جرير
والفرزدق و الأخطل فقال عنهم: "هؤلاء لو كانوا في الجاهلية كان لهم شأن، ولا
أقول فيهم شيئا لأنهم إسلاميون"[21]
فالشعراء الإسلاميون لهم مكانة أخرى عند الأصمعي غير مكانة الفحول الجاهليين،
ويتحرج في إصدار أحكام فيهم.
وقال عن الأخطل: " سمعت
أبا عمرو بن العلاء يقول: لو أدرك الأخطل من الجاهلية يوما واحدا ما قدمت عليه
جاهليا ولا إسلاميا"[22]
" قال أبو حاتم وسألت
الأصمعي من أشعر الراعي أم ابن مقبل، قال ما أقربهما، قلت لا يقنعنا هذا، قال
الراعي أشبه شعرا بالقديم."[23]
وهنا يتبين لنا رفعة ومكانة
الشاعر الجاهلي عند الأصمعي، فهو يرى أن إدراك الشاعر للعصر الجاهلي يعد من أهم
العوامل التي تجعل من الشاعر فحلا، فالفحول من الشعراء هم الجاهليون فقط.[24]
كما أن للشعراء الإسلاميين عنده
مكانة كبيرة، إلا أنه يتحرج في الحكم عليهم.
غلبة
الشعر على الشاعر
حين
يطلق الأصمعي لفظ الفحل على الشاعر فهو يريد منه أن تكون الصفة الغالبة عليه هي
الشعر، وإذا انتشرت له صفة أخرى فهو لا يعده في الفحول، فحين ذكر عروة بن الورد
قال عنه: "شاعر كريم وليس بفحل"[25]، وحين ذكر حاتم الطائي
قال: "حاتم إنما يُعدّ بكرم، ولم يقل أنه فحل"[26]، وقال عن زيد الخيل
الطائي: (من الفرسان)، وعن سليك بن السلكة ومجموعة من الصعاليك: "ليس من
الفحول، ولا من الفرسان، ولكنه من الذين كانوا يغزون فيعدون على أرجلهم فيختلسون،
قال: ومثله: ابن براقة الهمداني، ومثله حاجز الثمالي من السرويين، وتأبط شراً
واسمه ثابت بن جابر، والشنفرى الأزدي السروي وليس المنتشر منهم، ولكن الأعلم
الهذلي منهم، قال: وبالحجاز منهم، وبالسراة أكثر من ثلاثين يعني الذين يعدون على
أرجلهم ويختلسون"[27].
فنراه
عزل حاتم الطائي لأن الصفة الغالبة عليه هي الكرم، وعزل عروة بن الورد ومجموعة من
الصعاليك الشعراء لأنهم اشتهروا بالصعلكة، وعزل الفرسان الشعراء لأنهم اشتهروا
بالفروسية.
يقول
أدونيس في هذا الشأن : " ومن صفات الفحولة أن تكون الغلبة في شخص الشاعر
للشاعرية وصفاتها، أي أن يكون منقطعا بالدرجة الأولى إلى الشعر أما الشعراء الذين
يكتبون الشعر في أوقات فراغهم، بحيث لا يكون الهاجس الأول عندهم، فإنهم ليسوا
بفحول، وربما ليسوا شعراء والأجدر أن يسموا بأسماء أخرى"[28]
مراتب الفحولة عند الأصمعي
قسم الأصمعي الشعراء إلى عدة درجات فمنهم:
-
أول الفحول : وقد جعل امرئ القيس أول الفحول بعد
أن تردد في الإختيار بينه وبين النابغة الذبياني ، ثم رجح كفة امرئ القيس معللا
اختياره بأن امرئ القيس قد سابق الشعراء إلى إبداع أشياء استحسنها العرب وتبعه
الشعراء من بعده.
-
الفحول : مثل الحارث بن حلزة، طفيل الغنوي،
أعشى همدان، الشماخ، المسيب بن علس وغيرهم.
-
من
هم دون الفحول وفوق غير الفحول : مثل ابن أحمر الباهلي الذي قال عنه: "ليس بفحل ولكن دون هؤلاء وفوق طبقته"[29].
-
من
شك في كونه فحلاً : مثل كعب بن جعيل الذي قال فيه: "أضنه
من الفحول ولا أستيقنه"[30]
-
من
يشبه الفحول:
كالأسود بن يعفر النهشلي، وجرادة بن عميلة العنزي[31].
-
من
هم ليسوا بفحول : كلبيد بن ربيعة، وعمرو بن كلثوم و الأعشى غيرهم.
-
فحول الفرسان : وهم
الشعراء الفرسان كدريد بن الصمة، وجعل قسماً من الفرسان هم أشعر الفرسان ولم يقل
إنهم فحول مثل خفاف بن ندبة، وعنترة، والزبرقان بن بدر.
-
من لم يعدهم في الفحول مطلقاً: بل تكلم ضدهم كعدي بن
زيد الذي قال عنه: " ليس بفحل ولا أنثى"[32]
، والأغلب الذي قال عنه: " ليس بفحل، ولا مفلح، وقد أعياني شعره"[33].
-
من عدهم أنهم حجة وفصحاء
: ولم يقل عنهم إنهم فحول، مثل عمر بن أبي ربيعة، وابن هرمة، وابن أذينة وغيرهم.
مفسدات الفحولة
هناك أمور عدة قد تفسد فحولة الشاعر، وتجعله
متأخرا عن باقي الشعراء، وقد اتخذها الأصمعي انطلاقا من تحكيم المعيارين الأخلاقي
و الاجتماعي وهي:
-الطعن والتعرض لأعراض الناس
بالهجاء المدقع يقصي الشعراء الهجائين من الفحولة.
-الإنتحال والتقول في الشعر:
فالكذب والزيادة في الشعر أمر لا أخلاقي لا يلحق صاحبه بالشعراء الفحول.
-ظاهرة الصعلكة: الشعراء
الصعاليك ممن تمردوا على الأخلاق وانقلبوا على القيم الاجتماعية مما أقصاهم من
الفحولة.
-اعتماد الشعراء موقف ومناسبات
لقول الشعر، أو اقتصارهم على المكانة الاجتماعية كالكرم والجود، أو غرض واحد
يقصيهم من الفحولة.
تقييم عام
ليس من الإنصاف أن نحاكم الأصمعي بمعايير
التأليف في النقد الأدبي و مقاييسه اليوم لأن عمله عمل ريادي يصاحبه كل ما يصاحب
العمل الريادي عادة من ملابسات و مآخذ، بل من الإنصاف و العدالة أن ننظر إلى صنيعه
و نحكم عليه من خلال مرحلته التاريخية، التي لم تكن تسمح بأكثر من ذلك، فمبادئ
النقد في الكتاب لا شك أنها كانت ساذجة، لكنها في عصرها ذاك كانت تمثل بداية
المحاولة، كما أنها ستكون لها نتائج فيما بعد على النقاد.
يشكِّل الكتاب بداية
التأليف النقدي؛ فهو أول كتاب جمع مجموعة آراء لأحد علماء العربية. و تميّزت أقواله
بالبساطة، والإيجاز، والتعميم في الأحكام، وعلامة الارتجال الواضحة في الأجوبة،
وفي المنهج كذلك.
كما أن الكتاب يحتكر الشعر في بيئة ذكورية لا
تتعامل مع ما يصدر خارج شروط الذكورة، إضافة إلى أنه كان متعصبا للقديم.
وهكذا يكون (فحولة الشعراء) من
أوائل الآثار النقديَّة في التراث العربي؛ بل يعتبر أول أثر نقديّ مدوّن يفصح عن
رأي الأصمعي أو السجستاني في (الشعر والشعراء)؛ اعتماداً على أسس محدّدة واضحة.
المصادر والمراجع
[1]فحولة الشعراء، الأصمعي، تح شارل توري، قدم له: صلاح الدين المنجد، دار الكتاب الجديد، بيروت لبنان،1980 ص 2.
[5] انظر: ابن منظور، محمد بن مكرم،
لسان العرب، دار صادر، لبنان، ط.1.
ج11ص516.
[6] معجم مقاييس اللغة، أحمد بن فارس تح: عبد
السلام هارون، دار الفكر، مصر، 1979. ج4ص478.
[7] القاموس المحيط، الفيروزأبادي تقديم وتعليق: ابو
الوفا نصر الجوريني، دار الكتب العلمية ،لبنان، 1971. ص1045.
[14] نفسه ص 12

تعليقات
إرسال تعليق
مرحبا بتعليقك