القائمة الرئيسية

الصفحات

مفهوم التأويل في الفكر العربي الإسلامي

 حظي مفهوم التأويل في الفكر العربي الإسلامي القديم بعناية فائقة، من قبل الدارسين والمختصين، فنجده في الممارسات التاويلية التي طبقوها على النص القرآني باختلاف مشاربهم وتوجهاتهم الفكرية.

لقد وجد السلف ومنهم الأصوليون، وعلماء الكلام، والفلاسفة، في انفتاح لغة الخطاب القرآني مجالا خصبا لتعدد المعاني والدلالات والتأويل. مما أتاح لهم فرصة الوقوف على جملة من الآليات والأدوات المساعدة على استنباط المعاني والوقوف على مقصدية النص. وقد توصلوا إلى أن للنص القرآني ظاهر وباطن، وفيه المضمر والمحكم والمسكوت عنه، الذي هو مجال التأويل، والذي يفرض على القارئ إعمال الفكر والانتقال من حقيقة اللفظ إلى مجازه، وتقليب النظر في المعنى المعطى والمعنى الخفي.

إلا أن المتأمل في كتب الثرات يجد أن هناك تباينا واضحا في طريقة التعاطي مع النص القرآني، بين من رآه مصدرا لغويا فراح يعربه ويتفنن في إظهار صوره البلاغية والفنية، وبين من رآى فيه كتاب فقه وأحكام. 

هذا ما جعل التأويل يقترن في بداية الأمر بما يلي:

  • تفسير النص القرآني
  • استنباط قواعد اللغة
لكن جذر المشكلة أساسا يرتبط في الخلط الذي وقع بين معنى التفسير والتأويل، ففي فهم السلف لم يكن هناك فرق بين المعنيين واستعملوا التأويل مرادفا للتفسير، كما أن هناك من أكسبه معنى سلبيا واعتبره نوعا من التفسير بالرأي ، بيد أن المصطلحين بينهما فرق شاسع في المعنى. 

الفرق بين التفسير والتأويل.

إن التفسير في اللغة يقصد به الإظهار والكشف، وكذلك هو المفسر يكشف شأن الآية ويظهر معناها. أما اصطلاحا فالتفسير هو إزاحة المعنى المبهم عن النص ، أي شرح الكلام وكشف الغموض عنه للوصول إلى دلالته الحقيقية على سبيل القطع لا الاحتمال.
أما التأويل لغة فيقصد به الرجوع إلى الأصل، واصطلاحا فقد عرفه الشريف الجرجاني في قوله:
التأويل في الشرع صرف اللفظ عن معناه الظاهر إلى معنى يحتمله، كقوله تعالى يُخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي، إن أراد به إخراج الطير من البيضة كان تفسيرا وإن أراد به إخراج المؤمن من الكافر أو العالم من الجاهل فذاك تأويل.

 نفهم من هذا القول أن الكلام له معنيين، معنى ظاهر غير مراد ومعنى باطن هو المراد، وللوصول إليه يجب تاويل الكلام. ويتضح لنا من خلال التفريق بين التفسير والتأويل، أن التفسير مرتبط بظاهر التركيب اللغوي والألفاظ، ويهدف إلى الكشف عن المعنى اللغوي للمفردات، أما التأويل فهو الرجوع  بالكلام إلى أوله وباطنه معتمدا الفهم والاستنباط.

بالتالي فالتفسير أعم من التأويل، وأكثر استعماله في الألفاظ، وأكثر استعمال التأويل في المعاني. وقد تكرر لفظ التأويل في القرآن الكريم سبع عشرة مرة في حين أن كلمة التفسير لم ترد سوى مرة واحدة.

أمثلة: 

  1. " ولنعلمه من تأويل الأحاديث " سورة يوسف  الآية21
  2. " ذلك تأويل رؤياي " سورة يوسف الآية 100
  3. "وذلك تأويل مالم تسطع عليه صبرا " سورة الكهف الآية 82
والخلاصة أن:

اللفظ يحمل دلالات متعددة يجب على الراغب في فهم معناه الخفي، أن يفهم اللفظ جيدا ثم يفسره ، ثم يصرف معناه الظاهر ليصل إلى المعنى المؤول.

ونشير إلى أن العرب آمنوا بالتأويل ووقفوا عند ضرورته، لكن مذاهبهم و انتماءاتهم كانت خلفيتهم في التأويل، وذلك راجع إلى بروز مجموعة من الفرق سنحاول الوقوف عند مظاهر التأويل لديها.

الإتجاهات التأويلية العربية الإسلامية القديمة.

  مثل التأويل في العالم العربي الإسلامي ثلاثة اتجاهات مختلفة:
  1. الاتجاه الحرفي: وهم الحنابلة، والظاهرية.
  2. الاتجاه التأويلي : وهم المعتزلة، والصوفية، والشيعة، والفلاسفة. قد آمنو بالاجتهاد والقياس.
  3. الاتجاه التوفيقي: وهم الأشاعرة.

المعتزلة: 

يعتبر المعتزلة من الفرق الكلامية التي برزت في الإسلام عند أوائل القرن الثاني، وقد جعلوا العقل هو الأصل الذي يرجعون إليه عند كل تعارض بين الآيات القرآنية، و أصول مذهبهم الخمسة وهي: ( التوحيد، والعدل، والوعد والوعيد، والمنزلة بين المنزلتين، و الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) إظافة إلى الأصول الخمسة فتأويل المعتزلة قائم على المواضعة: أي قصد المتكلم والقرينة.

أهل السنة:

جعلوا من التأويل أصلا منهجيا لهم في فهم القرآن الكريم، وجعلوا العقل مصدرا لفهم الصفات، ومعظم أبواب العقيدة، وهم لا يؤمنون أن الإنسان له الحق أو الحرية في الاختيار، إذ يرون أن أفعاله محتمة ومخلوقة من قبل الله عز وجل، كما يؤمنون أن الإنسان لا يتحكم في حسن وقبح أعماله ، ويرون أن التوحيد هو بالأفعال لا بالصفات.

الشيعة:

وضع الشيعة تفسيرات للقرآن ذات منحى تأويلي يتناسب مع مذهبهم وقاموا بإخضاع الآيات لآراءهم السياسية والإمامة. إنهم يربطون الآيات بالوقائع والأئمة.

الصوفية:

إن موضوع التأويل عند الصوفية ليس هو القرآن فقط، بل الوجود والإنسان . فالحقيقة الإلاهية عندهم متجلية في الوجود، لذلك عملوا على الموازاة بين حروف اللغة، ومراتب الوجود. واللغة الصوفية محملة برموز وإشارات لا يفهمها إلا من هو على دراية بأصول المذهب الصوفي. 


   بعد وفاة الرسول صل الله عليه وسلم، افترقت الأمة فرقا كثيرة منها من خرج عن الإسلام ببدعته، ومنها من بقي تحت مظلة الإسلام العامة. وقد كان للاختلاف العقدي والمذهبي بين هذه الفرق أثر في تفسير وتأويل بعض آيات القران الكريم.

انتهــــــــى

تعليقات

4 تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

مرحبا بتعليقك

المحتويات