الخلافة الأموية
تولى بنو أمية الحكم سنة 41هـ وقد
"استمر حكم الأمويين 91 سنة وتعاقب فيها على الخلافة أربع عشرة خليفة أولهم
معاوية بن أبي سفيان 41هـ .61هـ وآخرهم مروان بن محمد 127هـ. 132هـ"[1]
وقد خرج معاوية على تقاليد الخلافة الراشدة إلى اصطناع الملك "فتحول نظام
الخلافة إلى ملك استبدادي وراثي على غرار ما كان معروفا عند الفرس والروم، فتولى
الخلافة من بني أمية بنو حرب ثم بنو العاص، وعدل الأمويون في حكم الدولة من تطبيق
نظام الخلافة الراشدة القائم على الشورى والمستند على الدين إلى نظام الملك القائم
على التوريث والمستند على السياسة أولا"[2]
وغرض معاوية من ذلك هو الاحتفاظ بالسيادة للأمويين من بعده وذلك لوقاية المسلمين
شر الخلافات والانقسامات بعد موت الخلفاء.وقد قوبل هذا القرار بالرفض خاصة من عرب
الحجاز الذين لم يكونوا مستعدين للنقلة من النظام القائم على الشورى إلى النظام
الوراثي فكان ردهم عنيفا على رغبة معاوية.وقد اتخذ هذا الأخير مدينة دمشق مركزا للخلافة
الأموية.واتسعت رقعة الدولة في العصر الأموي وذلك بفضل الفتوحات الكثيرة ( فتح
بلاد ما وراء النهرين، فتح جرجان وطبرستان، فتح السند، فتح المغرب، فتح الأندلس).
وقد عرفت الدولة الأموية مجموعة من الصراعات
والانقسامات أبرزها مقتل الحسين بن علي، على يد مالك بن بشر الكندي بأمر من عبيد
الله بن زياد، هذا أدى إلى سخط الشيعة
وتعزيز الانقسامات.
إن الأحداث السياسية كان لها انعكاسات على
مظاهر العيش عامة وعلى الأدب خاصة في عهد الدولة الأموية، فقد كان لتلك الأحزاب شعراء يشدون إزرها، كما
كان لصدر الإسلام شعراؤه المخضرمون، فهناك شعراء الأمويين كالأخطل والفرزدق وجرير
وقد نعموا بنصرة الدولة ووفرة خيراتها. ثم شعراء العلويين منهم من آثر التستر
مخافة بطش الدولة، ومنهم من فضل استمالة عطف الحاكمين بالمدح رغبة في النوال.
وشعراء الزبيريون وهم قلة كعبد الله الذبياني وعبيد الله بن قيس. وشعراء الخوارج
وهم أكثر الشعراء تمسكا بمبدئهم ومعادة
للأمويين وكان الطرماح أشهرهم.[3]
الإطار الاجتماعي:
يمكن تقسيم
المجتمع الأموي إلى طبقتين: طبقات الخاصة وطبقات العامة[4]
-
طبقات الخاصة :
تنقسم إلى خمس طبقات:
1 الخليفة: فالخلفاء الأمويون يختلفون عن الخلفاء الراشدين اللذين كانوا
زاهدين فهم يعيشون فالقصور الفخمة ويلبسون أفخر الثياب.
2 أهل الخليفة: وهم بنو سفيان وبنو مروان من الأعمام وأبنائهم، كانوا أعلى
الناس قدرا وأرفعهم جاه بعد الخليفة، وكان لهم رواتب خاصة يتقاضونها من بيت المال.
3 رجال الدولة: هم الولاة والكتاب
والقواد ومن جرى مجراهم من أرباب المناصب العالية، أبرز صفاتهم الشدة والحزم وقد
يتجاوزون ذلك إلى التعسف والظلم ومن أشهرهم عمرو بن العاص وزياد بن أبيه، والحجاج
بن يوسف الثقفي.
4 أرباب البيوتات: هم الأسياد والأشراف البارزون بين قبائلهم في الحسب
والنسب والعلم والمعرفة والأخلاق وأعلاهم شرفا هم آل البيت من أبناء علي بن أبي
طالب وأحفاده وهم: الإمام الحسين، الإمام الحسن، الإمام زين العابدين، الإمام جعفر
الصادق...فآل البيت الشرفاء كان الخلفاء يراعون جانبهم ويفرضون لهم العطايا الخاصة
والرواتب المحترمة ويقدمونهم في المجالس.
5 توابع الخاصة: من هم في خدمة الخاصة، وفي ذلك حضوة سعيدة لهم، وينقسمون
إلى أربع طبقات (الجند و الأعوان والموالي والخدم).
-
طبقات العامة:
هذه الطبقة
متنوعة ومتفرعة تتألف من أمم شتى، يمكن تقسيمها إلى قسمين:
1 المقربون
من الخاصة: هؤلاء هم نخبة العامة الذين يتقربون من الخاصة بما يعجبهم أو يطربهم
فيستظلون بهم ويعيشون من عطاياهم، ويتقسمون إلى قسمين : أهل الفنون الجميلة وهم
المصورون والشعراء والموسيقيون ثم الأدباء وهم العلماء والفقهاء والمحدثون والنحاة
النسابون.
2 أهل القرى
: وهم معظم سكان البلاد وأهل ثروتها وعماد اقتصادها يتكلمون لغات البلاد السريانية
والآرامية واليونانية في العراق و الشام. والقبطية في مصر، والفارسية في بلاد
فارس.
سكان المدن:
هم العامة العاملون في التجارة والمهن والحرف المختلفة.
الإطار الاقتصادي:
أصبحت مظاهر الترف
والرفاهية تظهر على الناس في المدينة ومكة والشام حيث " نوعوا في ألوان
الأطعمة، وأصبحوا يأكلون في أوان من الذهب والفضة"[5].وأصبحوا
يلبسون الحرير والجواهر "وعلى نحو ما بالغوا في ملابسهم و مآدبهم وطيبهم،
وبالغوا كذلك في حليهم وجواهرهم فكانت النساء يتحلين باللؤلؤ والياقوت"[6] و
أصبح العرب في هذا العصر أيضا يترفعون عن المهن اليدوية ويرونها مهنا وضيعة ليست
من مستواهم الاجتماعي، بل هي من أعمال الناس العاديين.
وفي مجال إيرادات
الدولة نجد أن معظمها كانت تتركز في الغنائم التي يحصل عليها الجيش الإسلامي من
المدن المفتوحة بعد نهاية كل معركة يحقق فيها الانتصار. وكانت هذه الغنائم بكل
أشكالها تدخل خزينة الدولة، ثم يعاد توزيعها مرة أخرى بحسب ما هو متبع. و ما بناء
المدن وإعمارها إلا دليل على قوة اقتصاد الدولة.
ومن مظاهر قوة
الاقتصاد آنذاك أيضا اتخاذ القصور كمساكن بدل الخيام، هذه القصور التي كانت غاية
في الفخامة والأبهة مزينة بالفسيفاء وأعمدتها بالرخام والذهب و النافورات والحدائق
الغناء.
الإطار الثقافي والأدبي:
عرف الأدب في عهد الدولة الأموية تطورا
كبيرا، فظهر علم النحو بعد اختلاط العرب والموالي وتعرض اللغة العربية إلى اللحن
والفساد، ونشأ النحو في البصرة والكوفة اللتان أصبحتا "أهم مراكز الثقافة في
القرن الأول الهجري ومنهما انطلقت علوم الفقه والعقائد ونشأت مدرسة النحويين
واللغويين... وقد تأثرت مدرسة البصرة بالمذاهب الفلسفية التي ظهرت فيها قبل غيرها
من المدن الأخرى، وكان بين نحاة البصرة كثير من علماء الشيعة والمعتزلة الذين
أفسحوا المجال للحكمة الأجنبية كي تؤثر في مناصبهم الكلامية"[7]
كما عرف هذا العصر تطور الشعر والنثر بشكل
جلي، فأصبح الشعر سلاحا سياسيا من وسائل الدعاية وقد غالى الخلفاء والأمراء من أجل
ذلك في تشجيع الشعراء واستخدامهم في أغراضهم السياسية وتأييد وجهة نظرهم في الحكم،
حيث أصبح الشعر يقوي نطاق حزبية الدولة الأموية، وكان لكل حزب شعراءه. وتم إنشاء
الدواوين كديوان الإنشاء والرسائل، الذي أدى إلى ظهور نوع من النثر الفني يقصد به
الرسائل التي كانت تحرر باسم الخليفة وتصدر إلى ولاته وعماله.
عني بنو أمية أيضا" بالكيمياء والطب،
وأول من اهتم بهذا العلم وبإخراج كتب القدماء في الصنعة خالد بن يزيد بن
معاوية"[8] وتولعوا
بالموسيقى والغناء وفنون التصوير.
أما على مستوى العمران فقد اهتم الأمويون
بتجديد المساجد الأولى التي أسست في عصر
الخلافة الراشدة مثل جامع البصرة، والكوفة، وجامع المدينة الذي أعيد إنشاؤه في زمن الخليفة عثمان، وجامع
صنعاء الكبير الذي أعيد بناؤه في زمن الوليد بن عبد الملك، كما اهتموا بتأسيس عدد
كبير من المساجد الجامعة مثل جامع دمشق، والجامع الأقصى وقبة الصخرة، وجامع
الزيتونة بتونس، وجامع عقبة بن نافع بالقيروان.[9]
ومن أهم المدن التي أسسوها نجد البصرة والكوفة والقيروان، وكانوا عند قيامهم ببناء
مدينة " يراعون الوضع الصحي والوضع الحربي، والنواحي الجمالية لكل مدينة،
فيكثرون من المنتزهات والحدائق، والبرك ويحيطون المدينة بالأسوار والخنادق، وكان
لأصحاب كل حرفة حي خاص من أحياء المدينة يعرف بهم"[10]
تعليقات
إرسال تعليق
مرحبا بتعليقك