القائمة الرئيسية

الصفحات

التأويليات ، الهرمنيوطيقا Herméneutiques مفهمومها، وتاريخها






 مصطلح الهرمنيوطيقا مصطلح قديم غربي النشأة بالدرجة الأولى، بدأ استعماله في الدراسات اللاهوتية، ليشير إلى مجموع القواعد والمعايير التي يجب أن يتبعها المفسر لفهم النصوص المقدسة. وقد انتقل من مجال علم اللاهوت إلى دوائر أكثر اتساعا تشمل علوم متعددة، بفضل جهود مجموعة من الفلاسفة أمثال شلايرمخر ، ودلتاي، وهايدغر.

تنحدر كلمة الهرمنيوطيقا من الفعل اليوناني Hermeneuein والذي يعني : يفسر، وترتبط في معناها اللغوي بالإله اليوناني  اليوناني Hermes  والذي كان يلعب دورا هاما في فهم وتفسير لغة الآلهة وذلك لإتقانه لها، ومن تم يعمل على نقلها للبشر، فالهرمنيوطيقا إذا توحي بعملية الإفهام. والمعنى الاصطلاحي المتفق عليه للهلرمنيوطيقا هو نظرية لفن التأويل والفهم.

ارتبطت الهرمنيوطيقا في بداياتها بالدراسات اللاهوتية والنص الديني بالتحديد، فهي نشأت بين جدران الكنيسة، وارتبطت بإشكالية فهم دلالات النص المقدس انطلاقا من الاعتقاد السائد بوجود معنى باطني خفي وراء المعنى الظاهر في النصوص الدينية، فمحاولة فهم النص الديني المسيحي هي التي أدت إلى نشأة التأويل. وفي العصور الوسطى أصبح التأويل يُعنى بالقواعد التي من خلالها يمكن فهم النص المقدس، وهذا في عهد القديس أغوسطين، حيث رأى أن البحث الهرمنيوطيقي يجب أن يقتصر فقط على الفقرات الغامضة من الكتاب المقدس ، وبعده توالت الكتب المهتمة بمناهج تفسير النص الديني.

ومع بداية القرن السادس عشر ثار الإصلاح البروتستانتي على سلطة الكنيسة حيث دعوا إلى الحرية في قراءة الإنجيل وتجاوز سلطة الكنيسة الكاثوليكية ونادوا بضرورة وضوح النص المقدس واكتفاءه بذاته والتحرر من تفسيرات وتظليلات الكنيسة. وعليه فإن المذهب البروتستانتي كان له دور مهم في نشأة نظرية  الاستقلال الدلالي للنصوص، وهذا بإحداثه قطيعة نهائية مع ما كان يُعرف بوساطة الكنيسة ليفتح المجال للهرمنيوطيقا للتوسع والانتقال من مجال علم اللاهوت إلى دوائر أكثر اتساعا تشمل كافة العلوم الإنسانية وهذا ما سيتم توضيحه فيما يلي.

تعليقات

المحتويات